الكتاب : الجمع والفرق

في تصنيف : أصول الفقه والقواعد الفقهية | عدد الصفحات : 2184

بحث في كتاب : الجمع والفرق

وكان الوزير ابن عباد وزير مؤيد الدولة من العلم والفضيلة والإحسان إلي العلماء والفقراء علي جانب عظيم فكان يبعث في كل سنة إلي بغداد بخمسة آلاف دينار لتصرف علي أهل العلم.
فهؤلاء عرفوا قيمة العلم والعلماء فشجعوا العلماء وشاركوهم نشاطاتهم العلمية فكان ذلك سبب ازدهار العلم ونبوغ العلماء.
ثانياً: انتشار المدارس:
لقد أنشئت في هذا العصر المدارس في العراق ونيسابور وغيرها لتقوم بنشر التعليم وإحياء العلوم، ومن أهم هذه المدارس:
1) مدرسة ابن فورك المتوفي سنة (406 هـ) بناها في نيسابور فأحيا الله به أنواعاً من العلوم.
2) مدرسة أبي بكر البستي المتوفي سنة (429 هـ) بناها لأهل العلم علي باب داره ووقف عليها جملة من ماله.
3) أنشأ الوزير نظام الملك المدارس في بغداد ونيسابور وغيرها.
ثالثاً: دور الكتب:
انتشرت في هذا العصر دور الكتب فكانت منتجع العلماء والباحثين ومن أشهرها:
1) دار الكتب في خراسان الذي أنشأها الأمير نوح الساماني صاحب خراسان، وكانت عديمة المثل فيها من كل فن ثم احترقت بعد ذلك.
الصفحة : 6


2) دار العلم في بغداد أنشأها سابور بن أزد شير وزير بهاء الدولة وحمل إليها كتب العلم من كل فن وسماها دار العلم وكان فيها أكثر من عشرة آلاف مجلد وبقيت سبعين سنة إلي أن احترقت سنة (450 هـ).
3) دار العلم ودار الحكمة أنشأها جلال الملك بن عمار في طرابلس وجهزها بمائة ألف مجلد فنشرت العلوم والآداب.
رحلاته وطلبه العلم:
أدرك الشيخ أبو محمد أن العلم ليس له موطن فعزم علي الرحيل لطلب العلم فكان مقصده أولاً إلي نيسابور، واجتهد في التفقه علي أبي الطيب الصعلوكي ثم ارتحل إلي مرو قاصداً القفال المروزي فاشتغل عليه بمرو ولازمه واستفاد منه وانتفع به وأتقن عليه المذهب والخلاف وقرأ طريقته وأحكمها، فلما تخرج عاد إلي نيسابور سنه (407 هـ) وقعد للتدريس والفتوى، ومجلس المناظرة.
ثم خرج إلي الحج مع أبي القاسم القشيري والشيخ أحمد البيهقي فسمع معهم الحديث ببغداد، والحجاز، من مشايخ عصره.
صفاته ومنزلته:
كان أبو محمد الجويني علي درجة رفيعة من الأخلاق والصفات الحميدة جعلت له مكانة عالية ومنزلة كبيرة بين العلماء حتى لقب بركن الإسلام.
الصفحة : 7


وكان لفرط الديانة مهيباً، لا يجري بين يديه إلا الجد والكلام، أما في علم أو زهد وتحريض علي التحصيل.
وكان حريصاً علي طلب العلم شغوفاً به حتى أنه كان يدعو في دعاء القنوت بقوله: اللهم لا تعقنا عن العلم بعائق ولا تمنعنا عنه بمانع.
فاستجاب الله لدعائه حتى صار إمام عصره وأوحد زمانه علماً، وكان رحمه الله يقعد للتدريس والفتوى وتعليم الخاص والعام وكان ماهراً في إلقاء الدروس.
أما زهده وروعه فقد بلغ في ذلك درجة رفيعة.
قال شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني: لو كان الشيخ أبو محمد في بني إسرائيل لنقل إلينا شمائله ولا فتخروا به ومن ورعه أنه ما كان يستند في داره المملوكة له إلي الجدار المشترك بينه وبين جيرانه، ولا يدق فيه وتداً، وأنه كان يحتاط في أداء الزكاة، حتي كان يؤدي في سنة واحده مرتين، حذراً من نسيان النية أو دفعها إلي غير المستحق.
ومن ورعه أيضاً أنه كان حريصاً علي أن يكتسب من عمل يده، وأن لا يأكل ولا يطعم أهله وأولاده ما لا فيه شبهة.
وقد ذكر عنه أنه كان في ابتداء أمره يعمل ناسخاً بالأجرة حتى اجتمع له شي فاشترى جارية صالحة ووطئها فلما وضعت إمام الحرمين وأوصاها أن لا ترضعه من غيرها فأرضعته يوماً مرضعة لجيرانهم، فلما علم بذلك أنكر ذلك، واجتهد في تقييئه حتى تقيأها وقال: هذه الجارية ليست ملكاً لنا، وليس لها أن تتصرف في لبنها، وأصحابها لم يأذنوا في ذلك، فانظر إلي هذا الشخص العجيب الذي يحاسب نفسه علي الصغيرة قبل الكبيرة.
الصفحة : 8


مشايخه:
لقد استقى الشيخ أبو محمد العلم من فحول العلماء الذين كان لهم مكانة علمية كبيرة في عصره، ولا شك أن لدراسة شيوخه الذين أخذ منهم العلم أهمية بالغة حيث إنها تظهر لنا الينابيع التي أخذ منها وأثرت في تكوين شخصيته العلمية، ولم يقتصر الشيخ أبو محمد علي فن دون فن بل كان يأخذ من علماء الأدب واللغة كما يأخذ من علماء الحديث والفقه والتفسير.
وإليك أشهر مشايخه الذين أخذ عنهم:
أولاً: مشايخه في الأدب:
والده أبو يعقوب يوسف بن عبد الله الجويني، كان أدبيا مرموقاَ بجوين، قرأ عليه الشيخ أبو محمد الأدب. ولم أعثر علي ترجمة وافية لوالد الشيخ أبي محمد رغم البحث والاستقصاء في كتب الأدب والتراجم.
ثانياَ: مشايخه في الحديث:
1) أبو بكر القفال سمع منه الشيخ أبو محمد وعليه تفقه وسأترجم له عند الكلام علي مشايخه في الفقه
2) الشيخ العالم مسند خراسان، أبو نعيم، عبد الملك بن الحسن بن محمد بن إسحق بن الأزهر الأزهري الاسفرايني. حدث عن خال أبيه أبي عوانة بكتابه " المسند الصحيح" سمعه بقراءة والده الحافظ. كان أبو نعيم رجلاَ صالحاً ثقة، حضر إلي نيسابور في آخر عمره.
3) أبو بكر أحمد بن محمد بن عبدوس النسوي، محدث مرو، حدث عن علي ابن أبي العقب، وبكير بن الحسن الحداد وطائفة.
الصفحة : 9


حدث عنه الشيخ أبو محمد، والحسن بن القاسم المروزي، ومحمد بن الحسن الفقيه المروزي. مات بعد الأربعمائة.
4) الشيخ العالم المسند، أبو عبد الله، محمد بن الفضل بن نظيف المصري الفراء، مسند الديار المصرية، ولد سنة (341 هـ) في صفر.
وسمع من أبي الفوارس أحمد بن محمد السندي الصابوني، والعباس بن محمد ابن نصر الرافقي، وأحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبه الرازي وغيرهم.
وحدث عنه: أبو جعفر أحمد بن محمد كاكو، وأبو القاسم سعد بن علي الزنجاني، وأبو بكر البيهقي وأبو القاسم القشيري وآخرون.
قال في منتخب السياق: وسمع منه الشيخ أبو محمد بمكة. ومات ابن نظيف سنة (431 هـ) وعمره (90) سنة وشهرين.
5) أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش بن علي بن داود، الزيادي، كان إمام المحدثين والفقهاء بنيسابور في زمانه، وإماماً في العربية والأدب. ولد سنة (317 هـ).
روي الحديث عن أبي بكر القطان، وأبي عبيد الله الصفار وأبي حامد بن بلال وغيرهم.
وروي عنه أبو القاسم بن عليك، والحاكم أبو عبد الله وأبو بكر البيهقي وغيرهم. وسمع منه الشيخ أبو محمدـ، مات سنة (400 هـ) وقيل سنة (410 هـ).
6) الشيخ العالم المعدل، المسند، أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن
الصفحة : 10