الكتاب : الجمع والفرق
في تصنيف : أصول الفقه والقواعد الفقهية | عدد الصفحات : 2184
الفهرس
- [مقدمة التحقيق] | صفحة 3
- الباب الأول | صفحة 3
- ترجمة المؤلف | صفحة 3
- "الباب الثاني" في دراسة الكتاب | صفحة 19
- تعريف علم الفروق | صفحة 19
" الباب الأول"
ترجمة للمؤلف - وفيها مباحث
اسمه ونسبه:
هو الإمام أبو محمد عبد الله بن يوسف بن عبد الله من يوسف بن محمد بن حيويه الطائي السنبسي الجويني عربي الأصل حدث عن نفسه فقال: أنا من سنبس قبيلة من العرب.
ميلاده:
لقد بخلت علينا كتب التراجم في ذكر ميلاده أو الإشارة إليه فلم أعثر علي شي من ذلك فيما اطلعت عليه من الكتب.
بلده:
بلده هي جوين: بضم الجيم وفتح الواو وسكون الياء.
وهي: كورة جليلة نزهة علي طريق القوافل من بسطام إلي نيسابور تسميها أهل خراسان "كويان " فعربت فقيل جوين حدودها متصلة بحدود بيهق من جهة القبلة وبحدود جاجرم من جهة الشمال وهي في أول هذه الكورة من جهة الغرب. وهي تشتمل علي (189) قرية, وجميع قراها متصلة كل واحدة بالأخرى وهي كورة مستطيلة بين جبلين في فضاء رحب، وبينها وبين نيسابور عشرة فراسخ، وسميت جوين بهذا الاسم نسبه إلي أحد أمرائها.
الصفحة : 3
وهي بلدة مشهورة بعلمائها الأجلاء وينسب إليها كثير من الأئمة والعلماء غير أبي محمد منهم:
1) أبو عمران موسي بن عباس بن محمد الجويني، أحد الرحالين، ومن أعيان الرحالة في طلب الحديث، مات بجوين سنه (323 هـ).
2) هارون بن محمد بن موسي الجويني، ويكني أبا موسي، كان فقيهاً، أدبياً.
3) قال الحاكم: سمع قبل العشرة والثلاثمائة، وكان إذا ورد نيسابور تهتز مشايخنا لوروده.
4) يوسف بن عبد الله الجويني، والد أبي محمد، الأديب بجوين.
5) أبو الحسن علي بن يوسف الجويني المعروف بشيخ الحجاز، وهو أخو أبي محمد، وسيأتي ذكره، مات سنة (463 هـ).
6) إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن أبي محمد عبد الله بن يوسف الجويني وسأفرد له ترجمة عند الكلام علي تلاميذ المؤلف.
بيئته ونشأته:
نشأ الشيخ أبو محمد في بيت علم وأدب، فكان والده أدبياً مرموقاً في جوين فقرأ عليه الأدب حتى صار إماماً فيه.
ومن جانب آخر كان أخوه أبو الحسن علي بن يوسف الجويني المعروف بشيخ الحجاز، كان لطيفاً ظريفاَ فاضلاَ مشتغلاَ بالعلم والحديث، صنف كتاباَ في علوم الصوفية مرتباً مبوباً سماه " كتاب السلوه " هذا هو البيت الذي نشأ فيه الشيخ أبو
الصفحة : 4
محمد، ومنه خرج ليكب علي دراسة العلوم الدينية حتى كان له المعرفة التامة بالفقه والأصول والتفسير.
الحالة العلمية فيعصره:
مما لاشك فيه أن الإنسان يتأثر ببيئته وبالجو الذي يحبط به، ولما كانت الحالة العلمية في عصر المؤلف أكثر الحالات تأثيراَ في حياته ومنهجه الفكري كان من الواجب أن نتحدث عن الحركة العلمية في هذا العصر، وقد عاش المؤلف رحمه الله في نهاية القرن الرابع وبداية الخامس ويعتبر هذا العصر من أزهي عصور العلم والثقافة وأكثر العصور إنتاجاَ للعلم والعلماء، ففي هذا العصر نبع كثير من العلماء في شتي الفنون وأثروا المكتبات في مختلف العلوم والفنون، وكان خلف هذه النهضة العلمية أسباب نذكر منها:
أولاً: تشجيع الخلفاء والأمراء للعلماء:
لقد برز في هذه الفترة من الخلفاء من يحب العلم وأهله، فالقادر بالله كان من سادات العلماء، تفقه وصنف ومن مصنفاتهم كتاب الأصول، فيه فضل الصحابة رضي الله عنهم وتكفير المعتزلة فكان يقرأ في كل جمعة ويحضره الناس. وكذلك القائم بأمر الله كان عالماً له عناية بالأدب ومعرفة حسنة بالكتابة. "وكان عضد الدولة يحب العلم والعلماء ويجري الرسوم للفقهاء والأدباء والقراء فرغب الناس في العلم وكان يتشاغل بالعلم ويؤثر مجالسة الأدباء علي منادمة الأمراء". فزهت بغداد في عصر هؤلاء وأصبحت منتجعاً للعلماء والأدباء.
الصفحة : 5
وكان الوزير ابن عباد وزير مؤيد الدولة من العلم والفضيلة والإحسان إلي العلماء والفقراء علي جانب عظيم فكان يبعث في كل سنة إلي بغداد بخمسة آلاف دينار لتصرف علي أهل العلم.
فهؤلاء عرفوا قيمة العلم والعلماء فشجعوا العلماء وشاركوهم نشاطاتهم العلمية فكان ذلك سبب ازدهار العلم ونبوغ العلماء.
ثانياً: انتشار المدارس:
لقد أنشئت في هذا العصر المدارس في العراق ونيسابور وغيرها لتقوم بنشر التعليم وإحياء العلوم، ومن أهم هذه المدارس:
1) مدرسة ابن فورك المتوفي سنة (406 هـ) بناها في نيسابور فأحيا الله به أنواعاً من العلوم.
2) مدرسة أبي بكر البستي المتوفي سنة (429 هـ) بناها لأهل العلم علي باب داره ووقف عليها جملة من ماله.
3) أنشأ الوزير نظام الملك المدارس في بغداد ونيسابور وغيرها.
ثالثاً: دور الكتب:
انتشرت في هذا العصر دور الكتب فكانت منتجع العلماء والباحثين ومن أشهرها:
1) دار الكتب في خراسان الذي أنشأها الأمير نوح الساماني صاحب خراسان، وكانت عديمة المثل فيها من كل فن ثم احترقت بعد ذلك.
الصفحة : 6
2) دار العلم في بغداد أنشأها سابور بن أزد شير وزير بهاء الدولة وحمل إليها كتب العلم من كل فن وسماها دار العلم وكان فيها أكثر من عشرة آلاف مجلد وبقيت سبعين سنة إلي أن احترقت سنة (450 هـ).
3) دار العلم ودار الحكمة أنشأها جلال الملك بن عمار في طرابلس وجهزها بمائة ألف مجلد فنشرت العلوم والآداب.
رحلاته وطلبه العلم:
أدرك الشيخ أبو محمد أن العلم ليس له موطن فعزم علي الرحيل لطلب العلم فكان مقصده أولاً إلي نيسابور، واجتهد في التفقه علي أبي الطيب الصعلوكي ثم ارتحل إلي مرو قاصداً القفال المروزي فاشتغل عليه بمرو ولازمه واستفاد منه وانتفع به وأتقن عليه المذهب والخلاف وقرأ طريقته وأحكمها، فلما تخرج عاد إلي نيسابور سنه (407 هـ) وقعد للتدريس والفتوى، ومجلس المناظرة.
ثم خرج إلي الحج مع أبي القاسم القشيري والشيخ أحمد البيهقي فسمع معهم الحديث ببغداد، والحجاز، من مشايخ عصره.
صفاته ومنزلته:
كان أبو محمد الجويني علي درجة رفيعة من الأخلاق والصفات الحميدة جعلت له مكانة عالية ومنزلة كبيرة بين العلماء حتى لقب بركن الإسلام.
الصفحة : 7