الفهرس
وقد روى ابن وهب قال: حدثنا عبد الله بن عمر وأسامة بن زيد الليثي عن نافع أن ابن عمر كان يكبر يوم الفطر إذا غدا إلى المصلى حتى يخرج الإمام فيكبر بتكبيره.
ولأن التكبير بتكبير الإمام كأنه بأمر الإمام؛ لأن التكبير في هذا اليوم مشروع للناس كلهم، فكأن الإمام إذا كبر فقد استدعى ذلك من الناس.
واحتج المغيرة بأن قال: لأن شروع الإمام في الخطبة يقطع الكلام جملة.
أصله في غير التكبير، وقول مالك أولى؛ لما ذكرناه، والله أعلم.
مسألة.
قال رحمه الله: فإن كانت أيام النحر فليكبر الناس دبر الصلوات من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الصبح في اليوم الرابع منه، وهو آخر أيام منى؛ يكبر إذا صلى الصبح، ثم يقطع.
قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن علي- رحمه الله: اختلف الناس في وقت التكبير خلف الصلوات وانقطاعه؛ فمذهب أصحابنا ما وصفه في الكتاب من التكبيرات، وهو قول ابن عمر.
وقال أبو حنيفة: أول التكبير صلاة الفجر من يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر.
الصفحة : 36
وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن: من وقت صلاة فجر من يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
وللشافعي ثلاثة أقوال:
أحدها: مثل قولنا.
والثاني: يبتدئ ليلة النحر بعد المغرب، ووافقنا في آخره.
والثالث: مثل قول أبي يوسف.
والدلالة على ما قلناه أن الله تعالى ذكره خاطب بالتكبير أهل منى؛ فكان الناس تبعا لهم؛ فقال عز وجل: {واذكروا اسم الله}، وقال الله سبحانه: {واذكروا الله في أيام معدودات}.
وقد ثبت أن أول التكبير هو عيد النحر بعد رمي جمرة العقبة، فأول صلاة تلي ذلك هي الظهر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق.
وروى ما قلناه عن ابن عمر وغير من الصحابة رضي الله عنهم.
مسألة
قال رحمه الله: والتكبير دبر الصلوات: الله أكبر، الله أكبر. فغن جمع مع التكبير تهليلا وتحميدا فحسن، يقول إن شاء ذلك: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
الصفحة : 37
وقد روى عن مالك هذا، والأول، [وكل [واسع.
قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب- رحمه الله: هذا لأن كل ذلك قد روى عن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين والسلف، فأي ذلك فعل كان واسعا؛ فالأول هو نفس التكبير مجردا وله أصل في الشريعة؛ وهو التكبير في الصلوات، والثاني أحسن؛ لأنه يجمع تجميدا وتهليلا وهو كالتكبير في الخطبة؛ فلذلك كان الجميع واسعا.
وروى الثوري عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه أنه كان يكبر في أيام التشريق: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
وروى نحوه عن أبي سعيد.
وروى حميد عن الحسن البصري: كان يكبر: الله أكبر الله أكبر الله أكبر؛ ثلاث مرات.
وقد روى فيه لفظ آخر ذكره عبد الملك؛ فرواه يزيد بن زريع عن النهاش بن قهم عن عطاء أنه كان يكبر أيام التشريق: الله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرا، والله أمبر على ما هدانا.
مسألة
قال رحمه الله: والأيام المعلومات: أيام النحر الثلاثة، والأيام
الصفحة : 38
المعدودات: أيام منى؛ وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر.
قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب- رحمه الله: تحصيل هذا أن من هذه الأيام ما هو معلوم غير معدود، ومنها ما هو معدود غير معلوم، ومنها ما يجتمع فيه الأمران؛ فأما المعلوم الذي ليس بمعدود يوم النحر، والمعدود الذي ليس بمعلوم رابع النحر، والمعدود المعلوم ما بينهما.
وهذا الذي كرنا هو مذهب ابن عمر.
وقال الشافعي: الأيام المعلومات أيام العشر كلها.
والدليل على أن يوم النحر معلوم أن النحر يقع فيه، والنحر لا يقع إلا في يوم معلوم.
والدليل على أنه ليس بمعدود أن النفر لا يجوز في غده، ولو كان معدودا لجاز النفر في غده؛ لأن النفر لا يجوز في الثاني من المعدودات.
وهذه المسألة ترد مستفاضة في كتاب الضحايا إن شاء الله [ق/9 أ].
مسألة
قال رحمه الله: والغسل للعيدين حسن، وليس بلازم.
قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن علي- رحمه الله: هذا لما رواه شعبة عن عرو بن مرة عن زاذان أن [رجلا سأل] [على] بن أبي
الصفحة : 39
طالب رضي الله عنه عن الغسل فقال: اغتسل كل يوم إن شئت. فقال: لا؛ بل الغسل الذي هو الغسل؟ فقال: يوم الجمعة، ويوم الفطر، ويوم الأضحى، ويوم عرفة.
وروى مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو.
وفي رواية عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان يغتسل للعيدين ولأنه يوم عيد؛ فوجب أن يستحب فيه الغسل كالجمعة.
وهذا التعليل قد ورد به الخبر؛ فروى مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن [السباق] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع: "يا معشر المسلمين إن هذا يوم جعله الله عز وجل عيدا للمسلمين؛ فاغتسلوا فيه".
وعلى أن الغسل له لكونه عيدا؛ فكان كل عيد مثله؛ ولأن ما له استحببنا ذلك في الجمعة موجود في العيدين؛ وهو التنظف وإزالة الأوساخ والروائح كما روى في الحديث أن الناس كانوا عمال أنفسهم، وكانوا
الصفحة : 40