الكتاب : شرح الرسالة

في تصنيف : فقه مالكي | عدد الصفحات : 831

بحث في كتاب : شرح الرسالة

قال مالك: سمعت غير واحد من علمائنا يقول: لم يكن في الفطر والأضحى نداء ولا إقامة منذ زمان النبي صلى الله عليه وسلم.
قال مالك: وتلك السنة التي لا [خلاف] فيها عندنا ولأنها صلاة نفل فأشبهت سائر النوافل.
مسألة
قال رحمه الله: فيصلى ركعتين؛ يقرأ فيهما جهرا {سبح اسم ربك الأعلى}، {والشمس وضحاها} ونحوهما.
قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن علي- رحمه الله-: أما قوله: إن صلاة العيد ركعتان؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ركعتين، ولا خلاف في ذلك.
وأما اختياره أن يقرأ فيها {سبح اسم ربك الأعلى} ونحوها؛ فلما نقل عن [ق/أ] النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ فيها بذلك.
وروى جرير بن عبد الحميد عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في
الصفحة : 6


العيدين [وفي الجمعة]، ب {سبح اسم ربك الأعلى} و {هل أتاك حديث الغاشية}.
وروى سفيان الثوري عن معبد بن خالد عن زيد بن عقبة عن سمرة ابن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين ب {سبح اسم ربك الأعلى}، و {هل أتاك حديث الغاشية}، وروى مالك وسفيان بن عيينة عن ضمرة ابن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عمر ابن الخطاب- رضوان الله عليه- سأل أبا واقد الليثي بأي شيء قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم العيد؟ فقال: ب {ق والقرآن المجيد}، {واقتربت الساعة}.
قال القاضي أبو محمد بن نصر: الاختيار عنده العمل على الحديثين
الصفحة : 7


الأولين.
وقوله: إن القراءة فيها جهرا؛ فأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر فيها؛ على ما رويناه؛ ولا خلاف في ذلك، وأيضا فلأنها صلاة من سنتها الخطبة كانت القراءة فيها جهرا كالجمعة والاستسقاء، ولا تلزم عليها صلاة الكسوف ولأنها لا خطبة لها.
مسألة
قال رحمه الله: ويكبر في الأولى سبعا قبل القراءة يعد فيها تكبيرة الإحرام. وفي الثانية خمس تكبيرات يع دفيها تكبيرة القيام.
وفي كل ركعة. سجدتين. ثم يتشهد ويسلم.
قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن علي رحمه الله:
اعلم أن صلاة ركعتي العيدين كسائر الصلوات إلا زوائد التكبير في العيد قد اختلف الناس فيه.
فقال أصحابنا: إن التكبير في الأولى سبع تكبيرات الإحرام، وفي الثانية خمس سوى تكبيرة القيام؛ فجعلوا الزوائد ستا في الأولى وخمسا في الثانية.
وخالفنا الشافعي في تكبير الأولى فجعل الزوائد سبعا سوى تكبيرة
الصفحة : 8


الإحرام، ووافقنا فيما عدا ذلك. والذي قلناه قول المشيخة السبع وكافة أصحابنا، وروى عن بن عمر وأبي هريرة.
قال أبو حنيفة رضي الله عنه: يكبر تكبيرة الإحرام، ثم يكبر بعدها ثلاثا، فإذا قام للثانية كبر تكبيرة القيام ثم كبر بعدها ثلاثا، إلا أنه يقرأ عقيب تكبيرة القيام، فإذا فرغ من القراءة أتى بالتكبيرات الزوائد ووصلها بتكبيرة الركوع. هكذا حكاه الطحاوي؛ فجعل الزوائد في كل ركعة ثلاثا.
هذا هو المحفوظ من قول الفقهاء السبعة فأما ما روى عن الصحابة رضي الله عنهم ما يخالف هذه الأقاويل فروى أبو إسحاق عن الحارث عن علي رضوان الله عليه أنه كان يكبر يوم العيد إحدى عشرة تكبيرة؛ يفتتح بتكبيرة واحدة، ثم يقرأ، ثم يكبر خمسا يركع بإحداهن، ثم يقوم فيقرأ، ثم يكبر خمسا يركع بإحداهن. وكان يكبر في الأضحى خمس تكبيرات: ثلاثا في الأولى، وثنتين في الثانية؛ يبدأ بالقراءة فيهما، ويعتد بتكبيرة الافتتاح وتكبيرة الركوع من تكبيرات العيد.
وإذا اعتبرنا هذه الرواية وجدناها تدل على أن الزوائد أربع في كل ركعة، وفي الأضحى تكبيرة واحدة في الأولى ولا زائدة في الثانية.
وقد روى عن ابن عباس ما يخالف هذا؛ فروى قتادة عن عكرمة من
الصفحة : 9


ابن عباس رضي الله عنه (من شاء كبر سبعا، ومن شاء كبر تسعا، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة).
فأما أهل العراق فاحتجوا بما رواه زيد بن الحباب عن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه عن مكحول قال: أخبرني أبو عائشة- جليس لأبي هريرة- أن سعيد بن العاص سأل [أبا] موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الفطر والأضحى؟ فقال أبو موسى: (كان يكبر أربعا؛ تكبيره على الجنائز)، فقال حذيفة: صدق. قال أبو موسى: وكذلك كنت أكبر بالبصرة حيث كنت عليهم.
قال أبو عائشة: وأنا حاضر سعيد بن العاص.
قالوا: وروى الطحاوي عن علي بن عبد الرحمن ويحيى بن عثمان قد حدثانا عن [عبد الله] بن يوسف عن يحيى بن حمزة عن ابن عطاء أن القاسم أبا عبد الرحمن أخبره قال: حدثنا بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عيد فكبر أربعا، ثم أقبل علينا بوجهه حين انصرف فقال: "لا [تسهوا] كتكبير الجنائز"، وأشار بأصابعه،
الصفحة : 10