الفهرس
- باب صلاة العيدين | صفحة 1
- باب في صلاة الخسوف | صفحة 42
- باب: صلاة الاستسقاء | صفحة 58
- باب: ما فعل بالمحتضر، وفي غسل الميت وكفنه وتحنيطه وحمله ودفنه | صفحة 65
- باب في الصلاة على الجنائز والدعاء للميت | صفحة 102
- باب في الدعاء للطفل [وغسله] والصلاة عليه | صفحة 126
- كتاب الصيام | صفحة 130
باب: صلاة الاستسقاء
مسألة
قال رحمه الله: وصلاة الاستسقاء سنة تقام، يخرج لها الإمام كما يخرج للعيدين ضحوة، فيصلى بالناس ركعتين يجهر فيهما بالقراءة؛ يقرأ {سبح اسم ربك الأعلى} {والشمس وضحاها} وفي كل ركعة سجدتين وركعة واحدة، ويتشهد ويسلم، ثم يستقبل الناس بوجهه فيجلس جلسة، فإذا اطمأن الناس قام متوكئا على قوس أو عصا فخطب، ثم جلس، ثم قام فخطب، فإذا فرغ استقبل القبلة فحول رداءه [يجعل] ما على منكبه الأيمن على الأيسر وما على الأيسر على الأيمن، ولا يقلب ذلك.
وليفعل الناس مثله، وهو قائم وهم قعود، ثم يدعو كذلك، ثم ينصرف وينصرفون، ولا [يكبر] فيها ولا في الخسوف غير [تكبيرة الإحرام و] والخفض والرفع، ولا أذان فيها ولا إقامة.
قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن علي رحمه الله: اعلم أن قولنا
الصفحة : 58
وقول الشافعي أن صلاة الاستسقاء سنة، وقال أبو حنيفة: لا يصلي في الاستسقاء.
وقال أبو بكر الرازي: ليس في كراهية الصلاة فيها رواية.
ويشبه أن يكون مراده أنه ليس فيها صلاة مسنونة كالعيد، وأن الإمام مخير إن شاء فعلها وإن شاء تركها.
والذي يدل على ما قلناه ما رواه معمر عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالناس ليستسقي فصلى بهم ركعتين، جهر بالقراءة فيهما، فحول رداءه فدعا واستسقى، واستقبل القبلة صلى الله عليه وسلم.
وروى ابن عباس وأبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ثم خطب.
وروى أنس بن عياض عن حمزة عن عبد الواحد عن داود بن بكر بن أبي الفرات عن جابر بن عبد الله، أو عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى فصلى وكبر واحدة افتتح بها الصلاة.
وروى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في الاستسقاء متواضعا متخشعا متضرعا متوسلا فصلى ركعتين كما يصلي في العيد.
ولأن الخطبة في الأصول في العبادات لا تكون إلا مقارنة لصلاة كخطبة العيدين والجمعة.
واحتج من خالفنا بما رواه أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم
الصفحة : 59
الجمعة فجاءه رجل فقال: يا رسول الله: هلكت المواشي والزروع، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه ودعا فجاء المطر.
فدل هذا على أنه ليس من سنة الاستسقاء أن يصلى، ولأنه لو فعل ذلك لم يخف على الصحابة رضي الله عنهم.
وقد روى أن عمر رضوان الله عليه خرج فاستسقى، وخرج معه العباس رضي الله عنه ولم يصل. فقيل له: ما زدت على الاستغفار. ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ذلك.
ولأنها حادثة يخاف منها الضرر فوجب أن لا يصلى لها كالصواعق والزلازل، ولا يلزم عليه الكسوف؛ لأنه لا يخاف منه ضرر، وإنما هو عجوبه.
والجواب عن ذلك أن يقال: أما ما رووه من حديث أنس فعنه جوابات:
أحدها: أن دعاءه صادف حالا مشغولا بها عن التأهب لصلاة الاستسقاء، ونحن إنما نقول: من سنة الاستسقاء الصلاة والخطبة إذا تأهب الإمام والناس لذلك.
فأما إذا دعوا دعاء الاستسقاء في عوض غيره من الكلام من غير قصد لإفراده بذلك فليس الصلاة من سنته.
والجواب أنه قد روى من غير هذا الطريق أنه صلى، والزائد من
الصفحة : 60
الأخبار أولى.
وكذلك ما رووه من أن عمر رضي الله عنه استسقى ولم يصل فقد روينا أنه قد صلى، والأخذ بالزائد من الأخبار أولى.
وقياسهم ينقض بالكسوف.
فإن قالوا: قد احترزنا منه بأن قلنا: نخاف منه الضرر، والكسوف لا يخاف منه ضرر بدلالة ما روت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الشمس والقمر: "إنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، وإنما [لهما] آيتان من آيات الله عز وجل يخوف بهما عباده، فإذا كسفا فافزعوا إلى الصلاة.
وروى أن الشمس كسفت فخرج صلى الله عليه وسلم لابسا درعه، وترك دواءه فزعا حتى أدرك به.
ولي من حيث عرفنا وجه الضرر بتأخر المطر، ولم يفرق بالكسوف يجب أن يحكم بأنه لا ضرر علينا فيه؛ لأنه ليس من شرط ما يخاف الضرر أن يعرف وجه ضرره.
فصل
فصلاة الاستسقاء ركعتان كسائر النوافل، وقال الشافعي رحمه الله: يكبر فيهما كما يكبر في العيد؛ لما رواه ابن عباس أن رسول الله صلى فيها
الصفحة : 61
ركعتين كصلاة العيد.
والذي يدل [ق/14 أ] على ما قلناه ما رويناه أنه صلى الله عليه وسلم استسقى فصلى وكبر واحدة. وهذا نص في موضع الخلاف.
ولأنها صلاة في غير عيد فأشبهت سائر النوافل.
وما رووه يحتمل أن يكون أراد به صلى ركعتين فقط، ويحتمل أن يكون أراد به قدم الصلاة على الخطبة، وهذا معنى يختص بالعيد. وخبرنا نص في موضع الخلاف.
فصل
فأما تقديم الصلاة على الخطبة فلا خلاف فيه إلا ما حكى عن عبد الله ابن الزبير أنه قدم الخطبة على الصلاة.
والدلالة على ما قلناه أنها صلاة نافلة وسنتها الخطبة؛ فوجب أن يؤتى بها بعد الصلاة؛ اعتبارا بالعيدين.
فصل
وقوله: لا أذان لها ولا إقامة فيها.
فلأنها صلاة نفل فوجب أن لا يكون فيها أذان ولا إقامة اعتبارا بالنوافل كلها.
ولأنه لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم أذن له فيها ولا أقيم.
الصفحة : 62