الفهرس
- باب صلاة العيدين | صفحة 1
- باب في صلاة الخسوف | صفحة 42
- باب: صلاة الاستسقاء | صفحة 58
- باب: ما فعل بالمحتضر، وفي غسل الميت وكفنه وتحنيطه وحمله ودفنه | صفحة 65
- باب في الصلاة على الجنائز والدعاء للميت | صفحة 102
- باب في الدعاء للطفل [وغسله] والصلاة عليه | صفحة 126
- كتاب الصيام | صفحة 130
- كتاب الاعتكاف | صفحة 293
- كتاب: الزكاة | صفحة 314
باب في الصلاة على الجنائز
والدعاء للميت
مسألة
قال رحمه الله: والتكبير على الجنازة أربع تكبيرات.
قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن علي- رحمه الله: هذا قولنا وقول كافة فقهاء الأمصار.
وروى عن عمر وعلي رضي الله عنهما، وابن مسعود وأنس وابن عمر وابن عباس، وابن أبي أوى، وأبي هريرة، وعمير بن سعيد، وواثلة بن الأسقع وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
وحكى عن [عبد الرحمن] بن أبي ليلى أن التكبير [ق/23] على الميت خمس، وإليه ذهب الشيعة.
وعن بعض المتقدمين أنه ثلاث، وعن آخرين أن أقله ثلاث وأكثره سبع.
والدليل على ما قلناه السنة والإجماع.
فأما السنة: فروى مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى
الصفحة : 102
المصلى فصفهم، وكبر عليه [أربع] تكبيرات.
وروى مالك عن أبي أمامة بن سهل، ووصله غير مالك عن أبيه سهل ابن حنيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على مسكينة، فكبر أربعا.
وروى أحمد بن حنبل عن هشيم عن عثمان بن حكيم الأنصاري عن خارجة بن زيد بن ثابت [عن يزيد بن ثابت] قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما أوردنا البقيع فصفنا خلفه فكبر أربعا.
وروى سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أمه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة فكبر عليها أربعا.
ورواه ابن عباس وجابر وغيرهم.
وروى ابن وهب وابن عبد الحكم جميعا عن ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلوا على الميت أربع تكبيرات في الليل والنهار سواء.
وروى بعض من وافقنا عن ابن عباس وابن أبي أوفى أنهما قالا: آخر
الصفحة : 103
ما كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجنازة أربعا.
وهذا ينسخ كل ما تقدمه مما يخالفه. هذا من السنة.
وأما الإجماع: فما روى عامر بن شقيق عن أي وائل قال: جمع عمر رضي الله عنه، الناس فاستشارهم في التكبير على الجنازة؛ فقال بعضهم. كبر النبي صلى الله عليه وسلم سبعا، وقال بعضهم: خمسا، وقال بعضهم: أربعا. فحملهم عمر- رضوان الله عليهم- على أربع كأطول الصلاة.
وفي حديث آخر أنه قال: [انظروا] أمرا نجتمع عليه، فاجتمعوا على هذا.
وروى الأعمش عن إبراهيم قال: سئل عبد الله عن ذلك فقال: كل ذلك قد صنع، ورأيت الناس قد اجتمعوا على أربع.
وفي هذا أشياء:
أحدها: أنه توقيف على الإجماع وأخبار ثبوته.
والثاني: أن ما روي مما يخالف هذا إنما كان قبل الإجماع.
وأما الاعتبار: فقال أصحابنا: لأن التكبير على الجنازة جعل بإزاء عدد ركعات الصلاة، فلما كان أكثر ذلك أربعا كان التكبير على الجنازة مثلها.
وهذا متى سئلنا عن دلالته لم يكن لنا طريق إليه إلا ما رويناه عن عمر
الصفحة : 104
-رضوان الله عليه- أنه جعله أربعا كأطول الصلاة، وذلك بمحضر الصحابة رضي الله عنهم فلم ينكر أحد عليه؛ فيعود الأمر إلى الإجماع الذي قلناه.
واستدل من خالفنا بما رواه شعبة عن [عمرو] بن مرة عن ابن أبي ليلى قال: كان زيد بن أرقم يكبر على جنائزنا أربعا، وغنه كبر على جنازة خمسا، فسألته فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبرها.
وروى عن علي- رضوان الله عليه- أنه كبر على سهل بن حنيف خمسا.
ولأن حكم جملة الصلاة على الجناة حكم الركعة الواحدة؛ فوجب أن يكون فيها من عدد التكبير مثل ما في الركعة. ولأن الأخبار لما اختلفت وجب الأخذ بأزيدها.
فالجواب أن ما رووه عن زيد بن أرقم لا تعلق فيه من وجهين:
أحدهما: أنا قد روينا أن آخر فعله صلى الله عليه وسلم كان الاقتصار على أربع، وهذا ينسخ المتقدم.
والآخر: هو أنه إذا روى أمران وتقرر الإجماع على أحدهما كان ما استقر الإجماع عليه مسقطا لما عداه.
وقد بينا الإجماع على ما قلناه.
وما رووه عن علي- رضوان الله عليه- فقد روينا عنه خلافه، وأنه صلى على يزيد بن المكفف فكبر عليه أربعا؛ فتعارضت الروايتان؛
الصفحة : 105
فسقطتا. وعلى أن ما رووه مقدم، وما رويناه هو المتأخر؛ لما روي عن عبد خير أنه قال: (قبض علي- رضوان الله عليه- وهو يكبر أربعا) فكان هذا ناسخا لما قبله. وعلى أنه لو لم يثبت عنه رجوعه لكان غيره من الصحابة بإزائه في الخلاف؛ فيجب النظر.
وقولهم: إن حكم حمله الصلاة على الجنازة حكم الركعة الواحدة باطل؛ لأنه دعوى لا دليل عليها بل حكمها حكم عدد ركعات أطول الصلوات، وهذا الاعتبار أولى؛ لأنه اعتبار الصحابة رضي الله عنهم على ما بيناه.
وقولهم: إن الأخذ بأزيد الأخبار أولى.
فهذا إذا لم يكن منسوخا، ولا في مقابلته إجماع، والله أعلم.
مسألة
قال رحمه الله: يرفع يديه في أولهن، وإن رفع في كل تكبير فلا بأس.
قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب- رحمه الله: قد اختلف قول مالك في ذلك؛ فروى ابن عبد الحكم عنه أنه استحسن أن ترفع الأيدي في الصلاة على الجنائز.
قال ابن القاسم: وصليت معه على جنازة فلم أره رفع يديه لا في تكبيرة الإحرام، ولا في ما عداها.
الصفحة : 106