الكتاب : الجامع لمسائل المدونة

في تصنيف : فقه مالكي | عدد الصفحات : 9687

بحث في كتاب : الجامع لمسائل المدونة

العرب التي نزل القرآن بلسانها، ولا حجة لهم أن الحديث أيد وجوبه، لما روى ابن عباس أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فغسل وجهه، ثم ذراعيه، ثم رجليه، ثم مسح برأسه، وروى عن عثمان رضي الله عنه أنه توضأ وعكس وضوئه بملأ من الصحابة، فقال: هكذا رأيتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ؟ فقالوا: نعم، وأن عليًا وابن مسعود قالا: ما نبالي بدأنا بأيماننا أو بأيسارنا، وقالا أيضا: ما نبالي إذا عممنا الوضوء بأي الأعضاء بدأنا. فدل ذلك على بطلان وجوب الترتيب.
فإن قيل: فإن الفاء في لغة العرب للتعقيب، وقد قال الله تعالى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ {، فأمر بغسله عقيب القيام
الصفحة : 41


للصلاة، وأنتم تجيزون غسل الرجلين واليدين قبل ذلك.
قيل: الفاء عند النحويين إذا جاءت جواباً للشرط لم تكن للتعقيب، وإنما تكون للتعقيب إذا كانت العاطفة، كقولك: "جاءني زيد فعمرو"، وفي الأمر، كقولك إعط زيداً/ فعمراً، وبالله التوفيق.
[فصل-6] ذكر أدلة الفضائل:
فأول ذلك أن لا يتوضأ في الخلاء؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك مخافة الوسواس. وتحويل الإناء عن يمينه؛ لفعله صلى الله عليه وسلم لذلك؛ ولأنه أمكن لنقل الماء إلى الأعضاء.
الصفحة : 42


والتسمية فضيلة؛ لما روي أنه صلى الله عليه وسلم فعله، وليس له نص في كتاب الله ولا ثبات في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
فإن قيل: فقد روي ((لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله)).
قيل: هذا حديث لم يصح، أوقفه أئمة الحديث ابن حنبل وغيره.
والسواك، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل
الصفحة : 43


وضوء)). وهو في الموطأ/
وأن يبدأ بالميامن؛ لما روىّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ((إن توضأ أحدكم، فليبدأ بميامنه)).
وأن يبدأ بمقدم رأسه؛ لما روُى أن الرسول صلى الله عليه وسلم فعله.
وتكرار مغسوله؛ فلما روُىّ أنه صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة، وقال: ((هذا وضوء
الصفحة : 44


لا يقبل الله الصلاة إلا به))، يريد لا تجزئ بأقل منه، ثم توضأ مرتين مرتين وقال: ((من توضأ مثله أوتى أجره مرتين))، ثم توضأ/ ثلاثاً، وقال: ((هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي)).
قال الأبهري: فمرة هو الفرض، ومرتان مستحب، وثلاث فضل، فمن توضأ ثلاثا، فقد أتى بالفرض، والاستحباب، والفضل.
وذكر عبد الوهاب في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الوضوء:
الصفحة : 45