الكتاب : الجامع لمسائل المدونة
في تصنيف : فقه مالكي | عدد الصفحات : 9687
الفهرس
- [باب-8 -] في الركوع والسجود والجلوس وما يتصل بذلك من تكبير وتسبيح ودعاء وذكر الإقعاء والاتكاء والاعتماد ووضع اليد على اليد وغير ذلك | صفحة 505
- [باب-9 -] في السجود على الثياب وغيرها | صفحة 519
- [باب-10 -] في صلاة المريض والقادح والجالس والراكب | صفحة 523
- [باب-11 - في الإمام يصلى أرفع المأموم أو تحته أو خلفه أو قريبا منه | صفحة 540
- [باب - 12 -] جامع القول في الإمامة | صفحة 545
واستدلوا بما روى ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الأذنان من الرأس))، ويستأنف لهما الماء، قالوا: ومعلوم أنه لا يعلمنا المشاهدات، وإنما يعلمنا الأحكام، وينبهنا عليها، وهذا من أوكد أدلتهم، وليس في ما ذكروه، تحقيق وجوب فرضهما، وإنما أورد -والله أعلم- بقوله: ((الأذنان من الرأس)) أنهما من سنن الرأس سنتهما المسح، كما أن فرض الرأس المسح، كقولنا: إن الأنف والفم من الوجه وسنتهما الغسل، كما أن فرض الوجه الغسل، فأبان - صلى الله عليه وسلم - أن في الرأس فرضًا وسنة كما أن في الوجه فرضًا وسنة، فإذا كان المراد ما ذكرناه لم يكن لهم فيما رووا حجة. الصفحة : 36
والدليل على صحة قولنا: قوله تعالى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ {إلى أخر الآية ولم يذكر تعالى غسل فم، ولا أنف، ولا مسح أذن، فدل أن ذلك سنة.
وأيد ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((خمس من الفطرة في الرأس)) فذكر ((المضمضة والاستنشاق ومسح الأذنين، فدل أنهما سنة، والفطرة هي السنة، ولا اختلاف بين المالكيين في المضمضة، والاستنشاق أنها سنة، فكذلك الأذنان؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن جميع ذلك من الفطرة)).
وقد روى /ابن شعبان عن عائشة رضي الله عنها: أن الأذنين من الرأس، وليس المسح عليها فريضة، فهذا نص، وهو كتأويلنا للحديث.
وقد قال ابن حبيب، وأبو محمد بن أبى زيد رحمهما الله تعالى -وهما
الصفحة : 37
من أئمة الهدى- وسن الرسول - صلى الله عليه وسلم - المضمضة، والاستنشاق، ومسح الأذنين.
أفتراهما يقولان: سن فيما لم يصح عندهما أنه سنة؟
وقد فرق مالك رحمه الله بين حكمهما، وحكم الرأس، فقال: من ترك شيئًا من مسح رأسه/ عامدًا أو ساهيًا حتى صلى أعاد الصلاة أبدًا، ومن ترك مسح أذنيه عامدًا أو ساهيًا حتى صلى، فلا إعادة عليه ويمسحهما لما يستقبل، كقوله في من ترك المضمضة والاستنشاق فهذا يدل أنههما عنده سواء. وبالله التوفيق/.
الرابع: تجديد الماء لأذنيه.
فلما روىَ أن الأذنين من الرأس، ويستأنف لهما الماء، ولا خلاف بيننا في ذلك.
الخامس: مسح داخل الأذنين.
فلما روىَ ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضأ أدخل إصبعيه في حجرتي أذنيه)).
الصفحة : 38
وروي أنه كان إذا توضأ أدخل إصبعيه في صماخيه.
السادس: رد اليدين في الرأس إلى حيث بدأ.
فلما روى في صفة عبد الله بن زيد حين وصف وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: بدأ من مقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي منه بدأ.
ولا خلاف أن رد اليدين ثانية بعد استيعاب مسح الرأس ليس بفرض، وهو عند مالك وأصحابه سنة.
قال ابن القصار: ((ولو بدأ بالمسح من مؤخر الرأس لكان المسنون أن يرد يديه من المقدم إلى المؤخر)).
قال ابن شعبان: والمسنون أن يبدأ بالمقدم، ويُنهى من بدأ بالمؤخر عن العودة.
الصفحة : 39
السابع: الترتيب.
فلما روى في حديث عثمان بن عفان، وعبد الله بن زيد.
فإن قيل /: فإن هذا يدل على أنه وجب؛ لأن أفعاله - صلى الله عليه وسلم - على الوجوب، وقد قال تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ {فقد وافق ذلك فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فدل على أنه الواجب، وهو قول الشافعي.
فالجواب لهم عن ذلك إجماع النحويين أن الواو لا توجب رتبةً في لغة
الصفحة : 40