الكتاب : الجامع لمسائل المدونة

في تصنيف : فقه مالكي | عدد الصفحات : 9687

بحث في كتاب : الجامع لمسائل المدونة

وحديث ((ويل للأعقاب من النار))، رواه مالك في الموطأ عن عائشة رضى الله عنها عن النبي عليه السلام، وروى البخاري عن عبد الله بن عمر قال: تخلف النبي - صلى الله عليه وسلم - عنا في سفرة سافرناها معه فأدركنا وقد رهقتنا الصلاة، ونحن نتوضأ فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته ((ويل للإعقاب من النار، مرتين أو ثلاثاً)).
فان قيل: فقد قرئ / {وَأَرْجُلَكُمْ {بالخفض عطفاً على مسح الرأس.
قيل: فان الأئمة الذين قرءا بالخفض كانوا يغسلون، وحجتهم في القراءة أن من شأن العرب الاتباع على المجاورة، كقولهم: هذا جحر ضب خرب، فيخفضون خرباً على الجوار، والاتباع لضب، ومعناه خرب، لأنه صفة للجحر؛ لان الضب لا يخرب.
قال الشاعر:
لقد كان في حول ثواء ثويته.
الصفحة : 31


فخفض الثواء على مجاورة الحول.
فإن قيل: فقد وصف ابن عباس وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - فمسح على رجليه.
قيل: يمكن أن يكون مسح على خفيه. دليله أن قراءة ابن عباس {وَأَرْجُلَكُمْ {بالنصب.
السابع: الموالاة مع الذكر.
فرض، خلافا لأبي حنيفة، والشافعي.
ودليلنا على ذلك قوله تعالى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ {، والأمر المطلق
الصفحة : 32


على الفور.
ولما رُوى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ووالى، وقال: ((هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به)).
وهو قول عمر بن الخطاب، ولم يخالفه صحابي، فهذا كالإجماع؛ ولأنها عبادة تبطل بالحدث، فكان للتفريق تأثير في بطلانها، أصله الصلاة.
وما روى أن ابن عمر توضأ، ثم خرج إلى السوق، فدُعِي لجنازة، فمسح على خفية. فيحتمل أن يكون ذلك بالقرب، أو يكون نسيهما ذكرهما.
فإن قيل: لو كان وجبًا؛ لما افترق عمده وسهوه؟ قيل: هذا غير لازم.
دليله: الأكل في الصيام، والكلام في الصلاة أن عمده مفارق لسهوه.
وجميع ما ذكرته هو لأصحابنا البغداديين، إلا ما اختصرت وبينت أنه منه.
[فصل-5] ذكر أدلة السنن:
فأول ذلك: غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء، ثم المضمضة، ثم
الصفحة : 33


الاستنشاق فليس لذلك نص في كتاب الله تعالى فسقط أن يكون ذلك فرضًا.
وثبت فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - لذلك في حديث عبد الله بن زيد بن عاصم، وحديث عثمان بن عفان رضي الله عنه حين وصفا وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدل / أن ذلك سنة.
وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - المستيقظ من نومه أن يدخل يده في وضوئه حتى يغسلها، فإن أحدكم لا يدرى أين باتت يده، وهو في الموطأ، ورواه البخاري.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((من الفطرة خمس في الرأس)) فذكر ((المضمضة، والاستنشاق))، والفطرة هي السنة.
الصفحة : 34


وقال عليه السلام: ((من توضأ فانتشر من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج))، فهذا يؤيد -أيضا- أن ذلك غير واجب، كوجوب الفرائض، خلافًا لأبي حنيفة والثوري.
وأما مسح ظاهر الأذنين، فالظاهر من قول مالك رحمه الله، وقو أكثر أصحابه: أنهما سنة.
وقال بعض أصحابنا البغداديين: أنهما داخلتان في فرض الرأس،
الصفحة : 35