الكتاب : الجامع لمسائل المدونة

في تصنيف : فقه مالكي | عدد الصفحات : 9687

بحث في كتاب : الجامع لمسائل المدونة

باب-1 في فصل العلم والحث عليه وأصوله.
فصل 1: في الدلائل على فضل العلم والعلماء، وحكم طلب العلم.
قال تعالى: {يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {
وقال تعالى: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ {قال ابن أبي زيد: ((بالعلم في الدنيا)).
وفي قوله سبحانه: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيرا {، فقد جاء في التفسير أنه الفقه في الدين وقاله مالك بن انس، وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)).
الصفحة : 6


وقال: ((طلب العلم فريضة على كل مسلم أن يتعلمه)).
فطلب العلم فريضة، كفريضة الجهاد؛ لقوله تعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إليهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ {،
فجعل ذلك فرضاً يحمله الخاص عن العام، إلا ما لا يسع جهله من اللوازم، من صفة الوضوء، والطهر، والصلاة، والصوم، والزكاة، والحج ففرض على كل من لزمه ذلك، معرفته.
وقد سئل مالك عن طلب العلم أفريضة؟. فقال: أما على كل الناس فلا.
الصفحة : 7


وذكر عن سحنون أنه قال: أما من كان فيه موضع لرجاء الإمامة، فواجب عليه قوة الطلب، أو كلاماً هذا معناه.
[فصل-2: الجد. والمثابرة. وهداية الله سبب الحصول على العلم.]
والعلم لا يأتي إلا بالعناية، والمباحثه والملازمة مع هداية الله تعالى وتوفيقه.
قال ابن المسيب: ((أن كنت لأسير الليالي والأيام في طلب الحديث الواحد)) وبذلك ساد أهل عصره، وكان يسمى سيد التابعين.
الصفحة : 8


وقال مالك: أقمت خمسة عشر سنة أغدو من منزلي إلى منزل ابن هرمز وأقيم عنده إلى صلاة الظهر، مع ملازمته لغيره، وكثرة عنايته، وذيلك فاق أهل عصره، وسمي أمام دار الهجرة.
وإقام ابن القاسم متغرباً عن وطنه في رحلته إلى مالك عشرين سنة ولم يرجع حتى مات مالك رحمه الله، ورحل أيضاً سحنون إلى ابن القاسم حتى هذب هذه المدونة، والمختلطة، وحصلت أصل علم المالكيين، ومقدمة على سائر الدواوين بعد موطأ مالك رحمه / الله.
ويروي أن ما بعد كتاب الله تعالى اصح من موطأ مالك.
الصفحة : 9


ومما تمثل به سحنون هذا الشعر:
اخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته ومد من القرع للأبواب أن يلجأ.
وقال مجاهد: ((لا يتعلم العلم مستحي، ولا مستكبر)).
وقالت عائشة - رضي الله عنه -: ((نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين)).
وسنذكر، أن شاء الله، كثيراً من هذا، ومن فضائل العلم في الجامع لهذا الكتاب. والله نسأل التوفيق، وإياه نستخير، وهو حسبي ونعم الوكيل.
فصل -3 [في أصول علم الفقه]
اعلم، وفقنا الله، أن الأصل في هذا العلم اتباع الكتاب، والسنة وإجماع الأمة، ثم النضر، والاستدلال، والقياس على ذلك.
والدليل على ذلك قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ {
الصفحة : 10