الكتاب : الجامع لمسائل المدونة

في تصنيف : فقه مالكي | عدد الصفحات : 9687

بحث في كتاب : الجامع لمسائل المدونة

باب، -1 - في فرض الوضوء، وسننه، وفضائله/
[فصل -1 - في حكم الطهارة. وشروط وجوبها]
قال محمد بن عبد الله من يونس رحمه الله: ((الطهارة من الحدث فريضة واجبة على كل من لزمته الصلاة)).
وشروط وجوبها خمسة: الإسلام، البلوغ، وثبات العقل، وارتفاع دم الحيض والنفاس، وحضور وقت الصلاة.
قال ابن مسعود، وغيرة ((كان الطهر في أول الإسلام سنة حتى نزل
الصفحة : 15


فرض الوضوء بالمدينة في سورة المائدة، وهو قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ {إلى قوله {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً {.
قال زيد بن اسلم: أذا قمتم يعني من النوم. وقيل: معناه، أذا قمتم محدثين. وقيل: كان هذا أمراً من الله تعالى بالوضوء لكل صلاة، ثم نسخ ذلك بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - تخفيفاً على أمته؛ لان ذلك كان يشق عليهم.
الصفحة : 16


وقيل: معنى قوله: {إِذَا قُمْتُمْ {أذا أردتم القيام إلى الصلاة.
قال محمد بن سلمة، وغيره: آية الوضوء فيها تقديم، وتأخير، والمعنى فيها: يا إيها الذين آمنوا أذا قمتم إلى الصلاة، أو جاء احد منكم الغائط، أو لامستهم النساء فاغسلوا وجوهكم، وأيديكم إلى المرافق، وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برؤوسكم، وان كنتم جنباً فاطروا /، وان كنتم مرضى، أو على سفر فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم، وأيديكم منه ما يريد الله؛ ليجعل عليكم من حرج، أي من ضيق، ولكن يريد ليطهركم، أي من الذنوب، بامتثال ما أمركم به، وفعل ما افترض عليكم.
وإنما قدرت هذا التقدير؛ ليكون ذكر هذه الإحداث معطوف متصلاً بقوله: {إِذَا قُمْتُمْ {فيتضح أن قوله: {إِذَا قُمْتُمْ {يعنى من النوم، كما قال زيد.
ويبعد قوله من تأول قوله {إِذَا قُمْتُمْ {، أي محدثين؛ لاتصال ذكر الإحداث بقوله {إِذَا قُمْتُمْ {، فيكون تكريراً في اللفظ بمعنى واحد، فحملها على فائدتين أولى وليكون - أيضاً - قوله {وَأَرْجُلَكُمْ {عطفاً متصلاً على غسل اليدين، فيكون حجة على من قال فيهما بالمسح، وجعل إنهما مطوفتان على مسح الرأس.
ولذلك قال ابن مسلمة: فيها تقديم وتأخير.
الصفحة : 17


والتقديم والتأخير في كتاب الله تعالى كثير / قال الله تعالى: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ {، والمعنى: واركعي واسجدي؛ لأن الركوع قبل السجود باتفاق، والواو لا توجب رتبة في كلام العرب.
وقوله تعالى: {جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ {يعني: السببين: الغائط، والبول، وقوله تعالى: {أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ {يعني الملامسة الصغرى، دون الجماع، وقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا {، أي فاغتسلوا، وقوله: {وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى {يعني: لا تستطيعون مس الماء أو على سفر، وانتم على هذه الأحوال التي تقدم ذكرها، فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً.
وقيل: بل الآية على تلاوتها، لا تقديم فيها ولا تأخير فيها، لان التلاوة موافقة لصفة وضوئه عليه السلام، ولما عليه العمل.
وقوله تعالى: {وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى {. يعني: لا تستطيعون مس الماء أو على سفر، أو جاء احد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً يعني: أن كنتم مسافرين، أو محدثين مقيمين وأردتم القيام إلى الصلاة فلم تجدوا ماء فتيمموا.
الصفحة : 18


وهذا كله كلام مستقيم، لا يحتاج فيه إلى تقديم، ولا تأخير.
والله اعلم.
فصل -2 [في أنواع الطهارة]
قال عبد الوهاب: الطهارة من الحدث الفريضة الواجبة على كل من لزمته الصلاة، وهى ثلاثة أنواع: وضوء، وغسل، وبدل منهما عند تعذرهما، وهو التيمم، وهو طهارة على الحقيقة، وان كان لا يرفع الحدث.
وقال غيره: لا أقول أن التيمم بدل منهما، وإنما أقول: أنها عبادة مستأنفة وليس بدل؛ لان البدل يقوم مقام المبدل منه في كل الأحوال، والتيمم لا يقوم مقام الطهارة بالماء في كل الأحوال؛ لأنه لا يرقع الحدث رأساً، ولا يصلى به
الصفحة : 19