الكتاب : فتاوى أركان الإسلام
في تصنيف : الفتاوى | عدد الصفحات : 569
الفهرس
- المقدمة | صفحة 2
- فتاوى العقيدة | صفحة 4
- س1: ما تعريف التوحيد وأنواعه؟ | صفحة 6
- س2: ما شرك المشركين الذين بعث فيهم النبي، صلى الله عليه وسلم؟ | صفحة 15
- س3: ما أصول أهل السنة والجماعة في العقيدة وغيرها من أمور الدين؟ | صفحة 16
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد،
فقد رغب بعض الإخوة -جزاهم الله خيراً- في طبع بعض المسائل المتعلقة بأركان الإسلام من فتاوى شيخنا العلامة، الشيخ محمد بن صالح العثيمين -حفظه الله تعالى- لنشرها باللغة العربية ومن ثم ترجمتها بعدة لغات ليعم نفعها، لما تتميز به من الاعتماد على كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقوال أهل العلم المشهود لهم بالتحقيق، فعرضت الأمر على شيخنا -حفظه الله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء- فرحب بذلك وشجع عليه؛ لما فيه من التعاون على البر والتقوى، ونشر العلم الشرعي.
وبعد موافقة فضيلته وتوجيهه، شرعت في جمع هذه الفتاوى وانتقائها من مجموع الفتاوى حتى اكتمل عقدها.
الصفحة : 2
أسأل الله -عز وجل- بمنه وكرمه، أن ينفع بهذا العمل، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن يجزي فضيلة شيخنا خير الجزاء، وأن يبارك في علمه وعمله وعمره، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
بقلم
فهد بن ناصر السليمان
الصفحة : 3
فتاوى العقيدة الصفحة : 4
س1: ما تعريف التوحيد وأنواعه؟
الجواب: التوحيد لغة: ((مصدر وحد يوحد، أي جعل الشيء واحداً)) وهذا لا يتحقق إلا بنفي وإثبات، نفي الحكم عما سوى الموحد، وإثباته له، فمثلاً نقول: إنه لا يتم للإنسان التوحيد حتى يشهد أن لا إله إلا الله، فينفي الألوهية عما سوى الله عز وجل ويثبتها لله وحده، وذلك أن النفي المحض تعطيل محض، والإثبات المحض لا يمنع مشاركة الغير في الحكم، فلو قلت مثلاً ((فلان قائم)) فهنا أثبت له القيام لكنك لم توحده به، لأنه من الجائز أن يشاركه غيره في هذا القيام، ولو قلت ((لا قائم)) فقد نفيت نفياً محضاً ولم تثبت القيام لأحد، فإذا قلت: ((لا قائم إلا زيد)) فحينئذٍ تكون وحدت زيداً بالقيام حيث نفيت القيام عمن سواه، وهذا هو تحقيق التوحيد في الواقع، أي أن التوحيد لا يكون توحيداً حتى يتضمن نفياً وإثباتاً.
وأنواع التوحيد بالنسبة لله-عز وجل- تدخل كلها في تعريف عام وهو ((إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به)) .
وهي حسب ما ذكره أهل العلم ثلاثة:
الأول: توحيد الربوبية.
الثاني: توحيد الألوهية.
الثالث: توحيد الأسماء والصفات.
وعلموا ذلك بالتتبع والاستقراء، والنظر في الآيات والأحاديث، فوجدوا أن التوحيد لا يخرج عن هذه الأنواع الثلاثة فنوعوا التوحيد إلى ثلاثة أنواع:
الصفحة : 6
الأول: توحيد الربوبية: وهو ((إفراد الله -سبحانه وتعالى- بالخلق، والملك، والتدبير)) وتفصيل ذلك
أولاً: بالنسبة لإفراد الله -تعالى- بالخلق: فالله تعالى وحده هو الخالق لا خالق سواه، قال الله تعالى: (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) (فاطر: 3) وقال تعالى مبيناً بطلان آلهة الكفار: (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) . (النحل: 17) . فالله تعالى وحده هو الخالق خلق كل شيء فقدره تقديراً، وخلقه يشمل ما يقع من مفعولاته، وما يقع من مفعولات خلقه أيضاً، ولهذا كان من تمام الإيمان بالقدر أن تؤمن بأن الله تعالى خالقاً لأفعال العباد كما قال الله تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) . (الصافات الآية: 96ا) . ووجه ذلك أن فعل العبد من صفاته، والعبد مخلوق لله، وخالق الشيء خالق لصفاته، ووجه آخر أن فعل العبد حاصل بإرادة جازمة وقدرة تامة، والإرادة والقدرة كلتاهما مخلوقتان لله -عز وجل- وخالق السبب التام خالق للمسبب.
فإن قيل: كيف نجمع بين إفراد الله -عز وجل- بالخلق مع أن الخلق قد يثبت لغير الله كما يدل عليه قول الله تعالى: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون: الآية14) وقول النبي صلى الله عليه وسلم في المصورين: ((يقال لهم: أحيوا ما خلقتم)) (¬1) ؟
فالجواب على ذلك: أن غير الله تعالى لا يخلق كخلق الله فلا
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري، كتاب البيوع، باب التجارة فيما يكره لبسه للرجال والنساء (2105) ومسلم: كتاب اللباس، باب تحريم تصوير الحيوان (2106) (96) .
الصفحة : 7